الأربعاء، 6 سبتمبر 2017

أفلام طويلة : فلم After Hours 1985


مما لا شك فيه أن المخرج " مارتن سكورسيزي" يستحق لقب الموسوعة السينمائية، فهو بحق هذا العبقري له العديد من الأعمال الفلمية في شتى المجالات، تتنوع كل أفلامه بين عدة أدبيات : دراما، جريمة، غموض، كوميديا و غيرها، يعبر من خلالها عن كل فكرة أو ظاهرة إجتماعية مثل فلمه التحفة : سائق التاكسي 1976.

المخرج مارتن له فلم إستثنائي في مسيرته، ليس له مثيل قط في أعماله الأخرى، يدعى هذا الفلم : " بعد الساعات" أو "الساعات الإضافية'' أخرجه سنة 1985 يتأطر ضمن نمط الكوميديا السوداء، المجال المفضل لدي، و هذا الفلم يمثل المحاولة الأولى لمارتن في هذا المجال, حيث إعتمد فيه على أسلوب المفاجأة في خلق الوقائع، يجعل المشاهد في كل لقطة أو ذروة الحدث يعيش لحظة جديدة مع الشخصيات، بالإضافة إلى عدة من الآليات إستعملها المخرج في تحديد مسار القصة، مع ربط مجموعة من المواقف بطريقة مدهشة.

تحكي القصة حول شاب بسيط يعمل في أحد المجلات كمحرر للنصوص، يدعى 'بول' ففي أحد الليالي بينما هو جالس في المقهى يقرأ كتابا، تأتي لحظة يتبادل فيها الكلام مع فتاة تدعى 'مارسي'، يتفق معها على الإتصال بها ليلا، ثم بعدها يذهب إلى منزلها مع وجود صديقتها الغريبة هناك 'كيكي'، هذه الليلة ستكون بمثابة اللعنة بالنسبة لبول، سيجد نفسه كأنه في متاهة، سيمر من عدة لقاءات مع أشخاص غريبين، مفلسا و محصورا وسط المدينة، كل ما يريده هو العودة إلى المنزل، فهل سينجح ؟

في محتوى الفلم هناك تنويعات و تغيرات تقع بشكل سريع، تقفز بنا من لحظة إلى أخرى بطريقة لا شعورية، يتماشى معها المشاهد بصورة تلقائية، و تتصاعد الأحداث بطريقة رهيبة بعد أول لقاء بين بول و مارسي، حيث سيكتشف أن هناك شيئا ليس عاديا، في جسمها و منزلها و أشيائها، في هذه النقطة نلاحظ كيف يصيغ المخرج طبيعة المواقف، حيث يمسكها من كل جزئية ثم يربطها بوقائع أخرى، مثل القميص الذي أعطته الفتاة كيكي للزميل 'بول'، ثم يدرك بعدها أن القميص له علاقة بشخص آخر متورط في جريمة.

ليس هذا فقط بل إن الأمر سيصل إلى كل سكان الحي، ثم سيتآمرون ضده ظنا منهم أنه هو السارق والمجرم، فيحاول الهرب من هذا المأزق، و من هنا تبدأ الإثارة و التشويق بصورة أكبر و ملهمة، أضف إلى ذلك أن مارتن هنا في فلمه هذا، أضاف عنصر الغرابة، فالمشاهد سيدرك هذا الأمر عبر كل لقطات الفلم، مثل تصرفات الأشخاص و مراحل تسلسل الأفكار، و لا ننسى طبعا كيف إستعرض المخرج موضوع المثلية الجنسية في مشاهد غير متوقعة، و بعض المشاكل الإجتماعية و طبيعة الحياة الأمريكية.

يبقى هذا الفلم كمرجع مهم في مجال الكوميديا السوداء إلى جانب الفلم الكلاسيكي 'دكتور سترينجلوف' (1964) للمخرج كوبريك، ذلك أنه يحمل سيناريو مدروس جدا، أيضا من حيث زاوية التصوير أبرع مارتن في تلاعب بالكاميرا بين كل لقطة إلى أخرى خاصة النهاية، ثم ما يجعل هذا العمل عظيما أيضا هو غياب الملل و إستمرارية التشويق و المتعة، و يبدو أن فكرة المؤامرة على شخص واحد الموجودة في الفلم، قد مهدت لفلم آخر يدعى 'اللعبة ' (1997) للمخرج ديفيد فينشر، ثم يبقى القول أن خاتمة الفلم كانت جد رائعة حول الطريقة التي خرج بها الشاب 'بول' من وسط المدينة.

                                            تقييمي : 3.5/4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق