"إركضي لولا إركضي" فلم غريب لا يخضع لأي نوع من المعايير السينمائية - الفنية, التي يمكن من خلالها قياس المغزى الجلي للفلم, و ما يريد المخرج أن يقدمه, ما عدا أنه يحوي بعدا فلسفيا واضحا و أسلوب تشويقي.
الفلم أنتج سنة 1998 للمخرج 'توم تيكوبر' و هو باللغة الألمانية, و له شهرة كبيرة عند الجمهور, و ليس ببعيد أن يكون هذا النص السينمائي مبني على أفلام سابقة من حيث الفكرة, مثل فلم "يوم جراوندهوج" الذي أنتج سنة 1993, مع بعض الإختلافات و التغييرات من جانب الحبكة و السرد , ينطلق الفلم بمقدمة فلسفية تتجلى على شكل أسئلة وجودية, حول الكائن الإنساني و العالم : من أين أتينا ؟ و لماذا ؟ و كيف نتأكد من معرفتنا ؟ ثم يستدرج في محاولة صياغة الجواب, على شكل كلمات تعطي إنطباعا على أن الجواب يكمن في البداية دائما, 'لولا' هي فتاة متهورة شيئا ما, تمتلك شعرا أحمرا يتصل بها حبيبها 'ماني' طالبا منها المساعدة , بعد أن فقد حقيبة الأموال في القطار, ثم يخبرها بضرورة أن تساعده في الحصول على المال, قدره 100 ألف في غضون 20 دقيقة, فتحاول 'لولا' في هذه المدة القصيرة أن تجمع هذا القدر بشتى الطرق لتساعد حبيبها.
هذه هي القصة الأصلية للفلم, و التي تمثل الأساس الرئيسي في ما سيقع من أحداث تمر بها 'لولا', لأن الفلم يصور حياتها في 3 قصص متغيرة داخل الفلم, أي أن الفلم يشتمل على 3 مسارات لنفس الواقعة, و كل مسار يختلف عن الآخر, و العامل المشترك بينهم هو الشابة 'لولا' و محاولة جمعها للمال.
البعض قد يتركه الفلم مرتبكا قليلا نظرا لما سيجده في أحداث الفلم, من تكرار و إعادة على نفس النمط بدون أن يعرف لماذا ؟ و ما الغاية ؟ و هذا راجع لكون أن تلك القصص الثلاثة, لا يربطها أي خيط أو رابط يمثل صلة ببعضها البعض, فعندما تتعرض 'لولا' لإطلاق النار من طرف الشرطة, و تمر بحالة من التوهم و التخيل, ثم تعود إلى الحياة, فجأة يرجع بنا الفلم إلى نقطة البداية, عندما كانت 'لولا' في غرفتها فتقوم بنفس الشيء, و لكن في طريق آخر مختلف, و الأكثر هو عدم توقف 'لولا' عن الركض, بل تستمر في الجري على نفس المنوال, و أيضا نفس الشيء يتكرر بصور مختلفة بالنسبة للاشخاص الذين يحيطون بها, مثل صاحب الدراجة و المتسول و المرأة الشقراء و غيرهم, كأنها لعنة وجودية أصابت الجميع بدون أن يدركوا هم و 'لولا' أنهم يعيشون نفس الحدث في كل مرة.
حبكة الفلم الفلسفية تظهر أنها تقوم نسبيا على مبدأ أسطوري خرافي, يعود إلى أديان الشرق القديم يدعى بالعود الأبدي, حول إعتبار أن الوجود ما هو إلا صورة ثابتة , و لكن تستمر بشكل مختلف إلى الأبد, و أن الزمن يدور في حلقة, و دائرة مغلقة و ليس في خط مستقيم.
هناك لقطات حزينة خاصة بين 'لولا' و 'والدها', و في نفس الوقت نجد أن الكاميرا في بعض المقاطع تبدو غير منتظمة, من حيث زاوية التصوير و الإخراج, و أيضا غياب عنصر الربط و الإنسجام و هذا عامل مهم, إذ يساعد في تناسق سيناريو الفلم, فالعلاقة بين القصص الثلاثة منعدمة بل يسودها الفراغ, كأنها قفزات بدون مراحل و قد يكون من كل هذا أن المخرج, اراد فقط التركيز على نجاح وصول الفكرة و الرسالة العميقة, التي تتعلق بالإنسان و مصيره إعتمادا على مستويات متنوعة.
تقييمي : 2.5/4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق