نجد الكثير من الأفلام في تاريخ السينما التي ترسم لنا ذلك الحب و العشق المثلي و ما يدور حوله من إرتباطات و مشاعر و معظم هذه الأفلام من حيث القصة هي فكرة تقليدية عن شخصان من نفس الجنس يحبان بعضهما البعض محطمين تقاليد المجتمع و الموروث مثل الفلم الشهير "جبال بروباك"من إنتاج 2005, غير أن فلم "رجل واحد" للمخرج "توم فورد" و إنتاج 2009 يأخذ نوعا آخر مرتبطا بشكل أعمق بالحزن و الوحدة و الفقدان مع شخص وحيد يمثل كل مواقف الفلم.
يروي لنا الفلم في سنة 1962 عن رجل عجوز يدعى "جورج" يعمل كأستاذ اللغة الإنجليزية في الجامعة , يعيش حياته في حزن و إكتئاب لمدة ثمانية أشهر بسبب وفاة عشيقه "توم" و في أحد الأيام صباحا يحاول أن يتغير و أن يكون مختلفا من خلال التفاعل مع الشخصيات المحيطة به, 'جورج' و 'توم' عاشا مع بعضهما لمدة 16 سنة في منزل واحد , و لكن هذه المدة في الفلم لا تتمثل في عرض وقائعها و أحداثها بشكل تفصيلي أو كخطوط للقصة و لكن تظهر فقط في الكلمات و الحوارات مع إبراز بعض لقطات الماضي سواء في أحلام جورج أو ذكرياته إذ أن مضمون الفلم كله يتمحور حول جورج و حياته بعد حادثة الوفاة.
الفلم يضعك أمام عدة رؤى التي ستحاول أن تلاحظ بها مصير جورج و علاقته مع صديقته الشقراء و أيضا مع الطالب الذي يدرس عنده و كيف ستبدأ علاقتهما مع بعضهما البعض بالتطور تدريجيا, أحيانا يظهر أن الفلم لا ينفك عن تقديم و إثبات فكرة أن المشاعر بين المثليين حقيقية مثلما تكون بين مختلفي الجنس فوجود صورة 'توم' عاريا محتفظا بها 'جورج' في منزله و لقطات وجودهما في البحر و في المنزل و التقارب بينهما و محاولات إنتحار 'جورج' و غيرها تبرز هذه الدلالة و الصورة.
يبتدأ الفلم بتراجيديا ثم ينتهي بنفس اللمسة و النمط بدون توقع أو إشارة خاصة بعد حصول تغير طفيف و تحسن في حياة 'جورج' نحو الأفضل في آخر الفلم و في نفس الوقت يصيغ المخرج مسألة الإنسان المثلي التي كانت مرفوضة في ذلك الزمان من خلال علاقة 'جورج' بجاره و إبنته, هناك جزئية من الفلم تبدو كأنها توضيح فيما يتعلق بالسلوك أو التوجه الجنسي فبينما جورج و توم مستلقيان على جانب البحر يقول جورج أنه سبق أن أقام علاقة مع فتاة مسبقا (عكس توم) ثم يستغرب توم و يسأله إذن ماذا تفعل هنا معي ؟ فيرد عليه جورج بأنه وقع في حبه, هذا الحوار كأنه يقول لنا أن الحب و العشق و الجنس ما هم إلا مشاعر و عمليات ناتجة عن الإحتكاك سواء مع الجنس الآخر أو نفس الجنس عكس ما يقوله بعض الباحثين على كون أن المثلية سلوك جيني.
فلم مؤثر للغاية و الإخراج الفني على درجة رائعة و إتجاه ملحوظ من أداء الممثلين خاصة 'كولين فيرث' الذي أعطى الدور حقه بكفاءة و العروض كانت مدهشة و جمالية على كل المستويات و بالرغم من أن شخصية 'جورج' تقع بين ثنايا الدراما الحزينة و الألم فهناك أيضا من اللحظات الأخرى كالأمل و الحب فسيناريو الفلم يقوم على تأكيد النوعية الجمالية حتى في إطار اللقطات القاتمة و الموسيقى عاطفية جدا و مذهلة.
تقييمي : 3/4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق