من بين الأعمال العظيمة التي قدمها المخرج "مايكل هاينيكي"،
"معلمة البيانو" فلم فرنسي يحمل في داخله العديد من الأبعاد النفسية، يجسد
تجربة سيكلوجية مؤلمة و مخيفة، صراع قوي و مواقف جد مظلمة في حياة الإنسان، يأخذنا
هذا المخرج العبقري نحو مسالك مرعبة و طرق خفية، وسط تلك المشاعر المتضاربة و التعبيرات
المدهشة.
هذا هو الفلم الوحيد الذي شاهدته لهذا المخرج
الشهير، و من خلال عمله هذا أدركت أنني أمام مخرج متمكن، يسيطر بشكل قوي على كل عناصر
الفلم، له أسلوب مميز و براعة في تناول كل من : زاوية التصوير، الشخصيات، الكلمات و
الحوارات.. هذا الفلم هو قراءة نفسية لشخصية الإنسان ذو الميول المازوخية، يطرحها بصورة
تدريجية، متتبعا كل النقط التي تشكل هذه المعالجة من البداية إلى الخاتمة.
'إيريكا' إمرأة
عانس تعمل كمعلمة للبيانو، تعيش مع أمها في المنزل، حيث أن علاقتهما يملئها النزاع
و الإظطراب، هذه المعلمة رابطتها محدودة مع الآخرين، في أحد الأمسيات و بطريقة غير
متوقعة، تدخل إيريكا في علاقة معقدة مع شاب أشقر يدرس عندها في الصف، يدعى " والتر"
يعجب بها جدا، فيحاول ان يصل إليها بكل السبل.
بهذه القصة الرائعة نعرف بواسطتها العديد من الأفكار التي يعيشها الإنسان المازوخي، فإيريكا تبدو أن لها سرا كبيرا تخفيه في داخلها، طوال حياتها و هي صابرة على حالتها، مما إنعكس ذلك على تصرفاتها و سلوكاتها، و هذا سيجعل الشاب والتر في وضعية صعبة، فينشأ صراع قوي بينهما، إذ أن إيريكا لا تؤمن بشيء إسمه الحب و مشاعرها مفقودة، في حين أن والتر أحبها مند اللحظة الاولى التي رآها تعزف، و لكن مع ذلك فإن الأمر سيتطور بينهما فيما بعد.
المخرج ركز بشكل كبير على معظم نقاط التحول التي
تحدث في حياة إيريكا، فهي تعشق : الضرب، التلذذ بالألم، الإحساس بالضعف، الشتم.. كل
هذا ندركه خلال مسار أحداث الفلم، أيضا نلاحظ كيف جعل المخرج من الجنس كموضوع للمعالجة،
و هو نقطة جد مهمة، لكونه يمثل الركيزة الأساسية في الصراع الذي يحدث بين هذين الإثنين،
فإيريكا تتخذ الجنس كطريقة تؤذي بها الآخرين، تحديدا في تلك اللقطة التي نرى فيها 'إيريكا' و 'والتر' في أول اتصال جنسي بينهما.
تقييمي : 3,5/4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق