أفلام طويلة : فلم Fantastic Planet 1973

فلم  "الكوكب الخيالي" إنتاج فرنسي، يصنف ضمن مجال الخيال العلمي، للمخرج الراحل " رينيه لالوكس"، المعروف بأعماله الغريبة ذات البعد الخيالي، قصة الفلم مبنية على رواية الكاتب 'ستيفن فول' من سلسلة "قصص أومز"، مع قصور مدة الفلم نسبيا.

في الحقيقة اثناء مشاهدتي لهذا الفلم، أدركت انني أمام عمل سينمائي معقد و مربك، يتطلب الكثير من الجهد و التركيز، يتسم بين كل لقطاته بنوع من السريالية و التخيلات العجيبة، يطرح المخرج فكرة فلسفية بطريقة جد غامضة و عميقة، و نلاحظ انه يتجنب إظهار كل حيز لفهم مضمون الفلم.

في الفلم هناك تفرع يحيط بكل جوانب القصة، يحكي هذا النص السينمائي بناءا على الرواية، قصة كوكب خيالي غير معروف مكانه، في مجرة مجهولة، عن حضارة لجنس غريب يدعى " الدراغ" يتميزون باللون الأزرق و العيون الحمراء، لهم مجموعة من المعارف المتنوعة، ضخام و طويلي القامة, هؤلاء الكائنات يتكاثرون و يتزاوجون، و لهم عادات غريبة، يتحكمون في البشر على ذلك الكوكب، يروضونهم مثل الحيوانات و يسمونهم ب : 'الأوم'، و إنطلاقا من هذه الفكرة الرئيسية التي قدمتها عن الفلم، يشرع المخرج في تصوير حياة واحد من البشر يدعى "تير" الذي يربيه العملاق " تيفا" مند طفولته.

الشخصية الرئيسية في الفلم هو "تير" البشري الذي سنعرف من خلاله تقاليد و أفكار جنس "الدراغ"، ثم هروبه منهم و إلتحاقه بجنس "الأوم" البشري المظطهد، من أجل  الإنتقام من العمالقة و القضاء على الظلم الذي يتعرضون له، فتبدأ مجموعة من الصراعات بينهم, هذا الكوكب يحوي عالما مهجنا من الكائنات ، التي تتمير بأشكال مخيفة و لها سلوكات عدوانية، نلاحظ أن جنس الدراغ يمتلك مجموعة من العلوم الطبيعية و الكونية، عكس البشر الضعفاء، و يبدو أن هناك تاريخ قديم مشترك بين هذين الجنسين من مشاكل و نزاعات كثيرة.

                                            - طقوس التعارف و التزاوج عند جنس الدراغ -

الإشكالية الكبرى التي تواجهها مثل هذه الأفلام، كونها في الأساس موجهة إلى مجموعة خاصة من المشاهدين، و ليس إلى جمهور عام و كامل، فهذا الفلم يمتلك بنية سردية غير معتادة، و المخرج يضيف عناصر عديدة من كل فكر و علم : الفلسفة، الدين، الفلك... و غيره, نعلم من خلال أحداث الفلم، أن المخرج ربط بين عدة مواضيع ثم وضعها على شكل نموذج سريالي، فمثلا الكائنات الضخمة التي نراها بإستمرار، ليس ببعيد أن يكون وجودهم مجرد إسقاط ديني لمفهوم العمالقة الذي نجده في العهد القديم عند العبرانيين.

أما وجود تلك الطقوس الغريبة مثل : التأمل الداخلي، فهذا يذكرنا بما هو موجود في ديانات الأسرار القديمة، عن تحرر الروح و تخلص النفس من الكيان المادي، و أما طقوس الزواج و العري التي نراها، فهذا مما لاشك فيه يعيد إلى أذهاننا معتقدات الفالوسية حول قدسية الأعضاء الجنسية و العري الجسماني, يتضمن الفلم عدة من الرسومات المزخرفة الجميلة، مع نغمات موسيقية مرعبة، فهذا الفلم رائعة من روائع السينما الفرنسية، و هو يخضع للعديد من التحليلات و التأويلات لمغزاه، ذلك حسب كل مشاهد و خلفيته المعرفية، فهو يحمل غرابة في أسلوبه، و تعبير قوي عن الإبداع الخيالي الذي يتصف به المخرج.

تقييمي : 3.5/4