"النفي" هو فلم روسي للمخرج " أندري زفياجينتساف" ينتمي لأدب الدراما، يعالج موضوعا أخلاقيا يتجلى حول فكرة الخيانة الزوجية، ضمن مدة طويلة تصل لأكثر من ساعتين، معظم أحداثه تقع في مكان الريف خارج المدينة، وسط عائلة من طفلين و زوجين بينهما علاقة مظطربة و معقدة، تنعكس في نقاشاتهم و سلوكاتهم.
سبق لي من قبل أن شاهدت أعمال لهذا المخرج الروسي، فوجدت أن هذا الفلم لا يشبه باقي أفلامه تقريبا، حيث انه يحمل شكلا غريبا في عرضه لوقائع القصة، و يعطي مدة طويلة نسبيا للقطات و المشاهد، يركز كثيرا على تصوير المقاطع القريبة لوجوه الشخصيات, و تسوده أجواء هادئة و ساكنة , يحوي تطورا بطيئا في تصاعد اللأحداث، لدرجة أن المشاهد قد يشعر من الملل و ينفر منه.
مع ذلك بقيت مستمرا و متتبعا للحبكة، يحكي الفلم عن الزوج "أليكس" يقرر هو و زوجته "فيرا" قضاء وقت جميل مع أبنائهم، في أحد مناطق الريف بجانب الأشجار، تصل الأسرة إلى هناك، ثم بعد لحظات تصارح 'فيرا' زوجها بأنها حامل، يتفاجأ الزوج فيدخل في صدمة و حيرة, أثناء تتبع مسار القصة سندرك أن روعة القصة تتمثل بعد علم الزوج بخيانة زوجته، حيث سيجد نفسه حائرا ما بين : قتلها إنتقاما أو ان يهجرها و يتخلى عنها أو يسامحها و يبقى مع أسرته بدون تفككها، إلا أنه فيما بعد سيتخد قرارا هو القيام بعملية إجهاض لزوجته في المنزل بعد أن إستشار شقيقه 'مارك'.
هذا العرض المختصر للفكرة الرئيسية للفلم يبدو جد مهم، ذلك لكون أن الفلم له جوانب غامضة و غير مفهومة، يجعل المشاهد يطرح سؤال متعلقا بالقصة : من هو والد الطفل الذي تحمله 'فيرا' في بطنها ؟ الجواب عنه جعله المخرج مخفيا في عناصر القصة و أدرجه ضمن عدة لقطات و حوارات من بداية الفلم إلى خاتمته, هناك شخصيات ندرك عبر المواقف أن لها دور فيما يحدث لهذه العائلة : أولا العلاقة السرية بين الزوجة و الصديق 'روبرت'، ثانيا الأخ 'مارك' الذي من الواضح انه يدير جماعة و يقودها، ثم يقوم المخرج من خلالهم بخلق حبكة متفرعة من عدة زوايا متصلة، و يربطها بطريقة تحاكي واقع الأسرة التي تعاني من الضياع و المشاكل.
أما اللغز الآخر هو حقيقة وفاة الزوجة : هل كانت عملية الوفاة إنتحارا أم لا ؟ يتركنا الفلم أيضا غير متأكدين من هذه النقطة، فالمخرج يتلاعب شيئا ما على خطوط الحبكة، هناك إضافة جميلة كالموسيقى و جمالية الطبيعة، ثم الخاتمة التي يعكس فيها المخرج ماضي الزوجة 'فيرا', الفلم يحتاج إلى صبر قليل و تركيز نظرا لأسلوبه الثقيل في تصوير وقائعه، و يتسم بالعديد من المشاهد الصامتة، بالإضافة لعرض مشاعر و عواطف الشخصيات ما بين الحزن و الألم و الخوف، مع إعتماد المخرج أحيانا على بعد المسافة للكاميرا.
تقييمي : 3/4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق