واحد من الأفلام الجميلة للمخرج 'وودي آلان' التي أخرجها في فترة السبعينات, مع إخراج عدة أفلام أخرى في نفس الحقبة, يحمل إنطباعا دراميا كوميديا كغالب أفلامه تقريبا, يقدم 'آلان' في هذا العمل قصة متنوعة و متشابكة, داخل العديد من العلاقات المتغيرة بين الشخصيات, هذه الحكاية كلها تنطوي داخل عائلة متقلبة المزاج و تتسم بعدة إظطرابات و نزاعات.
'وودي آلان' في فلمه هذا يعرض قصة تستند على سياق زمني, بين الماضي و ذكرياته و بين الحاضر الذي يتجلى داخل الكلمات التي نسمعها على لسان 'رناتا', المشهورة بقصائدها و كتاباتها عن الحياة و الموت و المعنى, من جهة أخرى نلاحظ أن هناك تجسيد لتلك الذكريات السابقة, التي من خلالها نتعرف على هذه العائلة و مشاكلها, و كل فرد من هذه العائلة يتميز بفكر و ثقافة مختلفة عن الآخر.
العلاقة المعقدة بين الأم و إبنتها تلعب دور مهما, يستعرض المخرج من خلالها صورة واضحة تتمثل في الجوانب النفسية : فقدان الرغبة في الحياة, غياب المعنى, إستمرارية الألم... ثم في نفس الوقت نرى إنعكاسات هذه التمثلات على واقع العائلة و تأثيراتها, يركز ' آلان' بشكل كبير على تصوير البعدي للكاميرا, و إعتماد شاعرية المكان : الأم تشم الأزهار, التأمل في البحر من خلال النافدة, وضع اليد على الزجاج عبر لحظات صامتة.
هناك ملحوظة مهمة و هي كون أن الفلم متأثر بشكل كبير بالسينما البرغمانية, خصوصا في الربط بين الوقائع و ماضي الشخصيات, بالإضافة إلى جمالية المكان و نغمات الزمن, فهذا الفلم قريب جدا من فلم ''صباح و همس' للمخرج السويدي برغمان, فهناك لحظات نستشعر فيها بالتأثير البرغامني على أسلوب 'وودي آلان', مثل : زاوية الكاميرا, عرض الصورة, ذروة الحدث, الزمن الماضي و طبيعة الشخصيات.
'آلان' يتبع أسلوب الرؤية الواقعية و يعكسها في عناصر الفلم, يتناولها طبيعتها حسب كل حدث, فلدينا عدة من المواضيع المتنوعة التي تطرق لها الفلم : الخيانة, الحب,الفراق .., ثم إنه من الممكن القول أن الفلم أضاف بعض الدلالات الفلسفية مثل فكرة رفض الإنجاب التي نلاحظها عند الإبنة 'جوي', أضف إلى ذلك معالجته لفكرة الإنتحار في الخاتمة النهائية, ندرك عبرها الصراع النفسي و الأزمة الوجودية لإنسان ما بعد الحداثة.
تقييمي : 3,5/4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق