
ملحمة فكرية عظيمة في هذا الفلم, ضمن دوامة من الشكوك العقيمة و القاتلة داخل عالم الحقيقة, فكل شخصية في القصة تدفعها ريحها, لتوجهها بشكل غير متوقع و منسجم, و الجميل أكثر أن الفلم يحويه مغزى قوي.
مفهوم "الشك" لا يتطرق إليه المخرج بطريقة مباشرة, من أجل تحديد طبيعته و عرضها, و لكن يتركه كحيز غامض يقود الفلم في مساره, و يتم إدراكه بطريقة تصورية بطيئة, تتجلى في الصبغة الدينية و القيمة الأخلاقية, و مما زاد روعة الفلم هو حتمية و واقعية الفكرة , و مسايرة الحبكة بشكل تصاعدي يربط بين نقط متسلسلة, و في نفس الوقت يقدم إشكالات و أسئلة عن الطبيعة البشرية, و الدين و الفكر مرفق بجو من الحيرة و التوهم, مع لمسة فنية مميزة.
الفلم من إنتاج سنة 2008 للمخرج " جون باتريك شانلي " ,حبكته كلها حول ثلاثة أشخاص, و هم : الأب "فلين" و الراهبة "ألوسيوس" الصارمة و القاسية و الأستاذة " جيمس " صاحبة الوجه البريء, أحداثه تقع في زمن الستينات بعد عام من مقتل كيندي, إنطلاقا من خطبة الأب " فلين ", عن موضوع الشك العقائدي داخل مدرسة دينية ملتزمة , و بعد مجموعة من الوقائع تبدأ التحقيقات و الحوارات و النقاشات, بين هؤلاء الثلاثة حول علاقة هذا الأب بالطفل الافريقي " رايموند " و طبيعتها.
الفلم من جهة أخرى كأنه يعطي نبدة من الواقع, أو مثال يبين فيه جزء مما يحدث في الكنائس أو المدارس الدينية الكاثوليكية, كحالات التعدي و عصرنة الدين و مسايرته مع العصر الحديث, و بعض الأشكال التي تجسد السلوكات الإلزامية لرجال الدين, تجاه الكثير من الأمور البسيطة في الحياة, و مدى تحفظهم , جميل جدا هذا الفلم و مصير الأب "فلين" في النهاية لم يكن متوقعا, بالاضافة الى المفاجأة الكبرى المتعلقة بالراهبة 'ألوسيوس', التي تبينت حقيقة حالتها الروحية, اذ أننا نجدها طوال الفلم مؤمنة و متيقنة, في حين أنها تخفي أكثر مما نعرف عنها, حول ايمانها الذي يدور حوله الشك و اليأس.
تقييمي : 4/4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق