الأربعاء، 31 مايو 2017

أفلام طويلة : فلم No end 1985


فلم بولندي للمخرج العظيم ’كريستوف كيسلوفسكي’، إنتاج سنة 1985 و هي الحقبة التي كانت فيها الدولة البولندية متبنية للفكر الإشتراكي، تعرض هذا الفلم المثير للجدل للعديد من الردود القاسية، ذلك لكونه يتطرق لعدة قضايا متعلقة بالسياسة و الدين، و في نفس الوقت يعالج الفلم قصة درامية وسط هذا الخليط من الأفكار.

كيسلوفسكي في هذا الفلم الرائع يأخذ المشاهد إلى شكل آخر من السينما، يتناول مغزى القصة بطريقة غامضة و بنهج شاعري، و مع ذلك فإن الفلم يبدو غريبا من عدة جوانب نسبيا، حيث أن المخرج ربط بين مجموعة من المضامين المتباعدة و وضعها في قصة بكيفية مشتركة.

هناك تنوع في عرض حبكة الفلم، لدينا قصة المحامي الميت الذي يبتدأ به الفلم في إفتتاحية الرائعة، حيث نسمع الكلمات على لسان المحامي"أنتيك" و هو يخبرنا عن وفاته قبل أربعة أيام، ثم هناك زوجته "يورزولا" التي تشتاق إليه و تفتقده، ثم هناك قصة السجين "ديريك" مع محاميه الجديد ’لابرادور’ الذي يحاول إخراجه.

هذا التغير الحاصل في وقائع الفلم، جعله متعددا في طرح مضمونه، خاصة علاقة المحامي الميت الذي نراه خلال الأحداث يراقب زوجته، ثم تتطور هذه العلاقة إلى تجربة نفسية تستشعر فيها زوجته بوجوده، و من جهة أخرى بينما نتابع قصة الزوجة و المحامي، نجد انفسنا أيضا نتتبع حكاية السجين ديريك مع محاميه.

كيسلوفسكي في فلمه هذا، طرح موضوع عجيبا في الحقيقة، و هو الربط بين الحياة و الموت، الذي يتمثل في المحامي و زوجته، فالمخرج يكسر الرؤية التقليدية عن الحياة الأخرى، و يخلط بين وجود الأموات و الأحياء في نفس المكان و الزمان، ثم تظهر النتيجة في آخر الفلم عندما تتحرر الزوجة و تلتحق بزوجها المحامي في الجانب الآخر من الوجود.

وسط مواقف الفلم تبدأ بعض المفاجآت بالظهور، نتعرف من خلالها على ماضي الزوجة و أسرارها التي كانت تخفيها عن زوجها، مثل إشتغالها في المجال الإباحي، النقطة الأخرى هو إعتماد المخرج على الممارسة الجنسية و العري، كآلية لعلاج الفقدان و الشوق عند الزوجة، بطريقة ذكية و مميزة.

الإفتتاحية المرفقة بالموسيقى، كانت مدهشة حيث نرى : القبور و الشمع كإشارة للحياة الأخرى، و هذه الصورة تتكرر في الخاتمة التراجيدية، كإجابة عن سؤال ماهو مصير العلاقة بين المحامي الميت و الزوجة الحية ؟ هناك ملحوظة و هي كون أن الفلم يتم بتصاعد شبه بطيء في وقائعه، الفلم أعتبره رائعة من ضمن روائع كيسلوفسكي التي لا تنسى.

تقييمي : 4/4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق