فلم ذو إنتاج فرنسي من كتابة و إخراج 'أساياس أوليفر', يتكون الفلم من عدة أنواع : الجانب الدرامي الذي يمثل تقريبا أغلب الأحداث, ثم الرعب و الغموض الذي يرافق بطلة الفلم خلال تجارب حياتها و ظروفها الخاصة, الفلم حبكته مبهمة بالرغم من بساطة وقائعه.
تحكي قصة الفلم عن فتاة تدعى 'ماروين' ( الممثلة كريستن ستيوارت) تعمل كمتسوقة خاصة لمشاهير محليين, حيث وظيفتها هي أن تتولى نقل الملابس و الأزياء في مدينة باريس, تقضي معظم أوقاتها في التواصل عبر السكايب مع صديقها, و في نفس الوقت تعمل و تبحث في عالم الروحانيات, من أجل التواصل مع أخيها المتوفي سابقا 'لويس' و إنتظار علامة منه.
هذا الفلم أخذ مني الكثير من التركيز من أجل فهمه, و معرفة مبتغى المخرج, لأن الفلم في بعض لقطاته تجعلك شيئا مربكا و مندهشا, نلاحظ خلال الفلم تجسيد لعملية حزن ذاتيه مستمرة تشعر بها 'ماروين', بسبب عدم حصولها على أي إشارة من أخيها المتوفي, حيث أن هذين التوأمين 'ماروين' و 'لويس' نفهم من خلال الحوارات و النقاشات, أنهما سبقا أن إتفقا على أن كل من توفي أولا سيرسل إشارة من عالم الأموات إلى عالم الأحياء, لبقاء تلك الرابطة الأخوية بينهما قوية, و أن أحدهما سيلعب دور الوسيط الروحي للتواصل مع الآخر.
تجربة غامضة ستمر بها 'ماروين' في ليلة وجودها في المنزل, حيث تلك التجربة الصادمة ستجعل منها تعتقد أن كل عملية مفاجأة, أو ظاهرة غير مفهومةهي إشارة من أخيها, فبينما هي في القطار في رحلتها إلى لندن, تصلها رسالة في الهاتف من مجهول, فيتبادلان مطولا الحديث يكتنفه الغموض, و مع تنامي التشويق تتحول تلك النصوص المرسلة إلى لعبة القط و الفأر, فتصبح 'ماروين' تشك في أن صاحب الرسائل القصيرة, يراقبها و أنه أخيها المتوفي.
'ماروين' يملئها الوسواس و الشكوك و تعيش منعزلة, في أحد الأيام عندما تقوم بإيصال الأزياء إلى أحد المشاهير, تدخل إلى المنزل فتتفاجأ بمقتل المرأة في صورة بشعة مخيفة فتقوم بالهرب خوفا, يصل الأمر إلى الشرطة و بعد عدة تحقيقات, تنتهي القضية و يتم إغلاق الملف , في هذه اللحظة لا ندرك جيدا مدى أهمية هذه الواقعة, و مغزاها في سياق الفلم, و لكن عند ذهاب 'ماروين' إلى أحد الفنادق, نتفاجأ بموقف غامض و لغز يتجلى أمامنا, حيث أن الكاميرا تبدأ بتصوير الفراغ و اللاشيء متتبعا أثره : باب غرفة 'ماروين' يبدأ بالإنغلاق وحده, مرورا بباب المصعد نهاية بباب الفندق, نفس اللقطة تتكرر مرة أخرى, و لكن مع وجود زوج المرأة المقتولة, فيتم القبض عليه من الشرطة و إتهامه بقتل زوجته.
تكتفي 'ماروين' من كل هذا, فتقرر الذهاب إلى سلطنة عمان عند صديقها و هناك أيضا تتفاجأ, حيث ستجد نفسها تعيش نفس الواقع التي كانت تعيشه في فرنسا, الفلم يخلق سؤالا مهما خاصة الخاتمة : هل كل هذه المعطيات إشارة إلى تواصل من عالم أمثل يوجد خلف عالمنا أم أن الأمر مجرد إنعكاس لأوهامنا ؟, لا يترك لنا المخرج أي حيز واضح من أجل الأمساك بخيط القصة, فالفلم في حقيقته تجربة خاصة عميقة مخالفة لأفلام الرعب التقليدية, و تعبير رائع عن ثقافة الخوف من المجهول, و دراسة قوية لعلاقة النفس بالكائنات الخرافية, و أن الأشباح كلها توهمات تنبع من عقولنا و تفكيرنا لا غير.
تقييمي : 3/4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق