من خلال أفلام المخرجين الأخوين ' إيثان كوين ' و ' جويل كوين ' نلاحظ أنها سلسلة من التحديات المقصودة, تواجه سينما هوليود فمند الفلم الأول لهم في الثمانينات, مرورا بأفلامهم الأخرى و الأخيرة, تبقى مستمرة في طرح تصورات و مضامين مبتكرة , فلم ' بارتون فينك ' الذي يحمل عنوان الشخصية الرئيسية, يعود إنتاجه لسنة 1991 و يدخل ضمن مجال الدراما و الكوميديا, و كذلك يحوي على حيثيات غامضة بالإضافة إلى المنظور الفلسفي للقصة.
'بارتون' (الممثل جون تورتورو) هو كاتب و مؤلف مسرحيات ذو سلوك غريب, يعيش وحيدا غير مرتبط و كل مهامه و حياته تنصب في عالم الكتابة, بعد نجاح مسرحيته في مدينة نيويورك و إنتشارها, يقرر الذهاب و الإلتحاق بالأعمال الهوليودية عملا بنصيحة أحد أصدقائه, يصل بارتون إلى لوس أنجلوس, ثم يلتقي مع رئيس شركة إنتاج و يتم توظيفه, حيث يجب عليه أن يقدم سيناريو عن أحد أفلام المصارعة في نهاية الأسبوع.
من أجل الحصول على جو هادىء و مستقر يسمح بكتابة السيناريو, يقوم بارتن بإستئجار غرفة في أحد الفنادق, و لكن الأمور ستكون مختلفة لما أراده بارتن, يتعرف على جاره الذي يقطن بالغرفة المجاورة, يدعى 'تشارلي' (الممثل جون غولدمان), فتتطور العلاقة بينهما بشكل أكثر, و في نفس الوقت يجد بارتن نفسه وسط مجموعة من المشاكل و الصعوبات, أثناء محاولته لكتابة السيناريو, فيبدأ بالبحث عن طرق و أساليب لنجاح قصته.
كعادة الأخوين كوين دائما ما تصاحب أفلامهم نوعا من الغموض, و الإستفهامات و علامات الإرباك , و لا يستثنى هذا الفلم منهم بالرغم من بساطة الحبكة, أحيانا في لقطات الفلم تختلط الأمور, من حيث الإنتقال من مشهد إلى مشهد, و بعض الإضافات في الأحداث تبدو مبهمة, مثل وفاة المرأة و الحائظ و البعوضة و الصورة المعلقة على الجدار و علاقتها بنهاية الفلم و غيرها, أما المفاجأة فتتمثل في ماضي الصديق تشارلي و حقيقة من هو.
هناك لقطات كوميدية متعددة بشكل سخري و فكاهي, و الحوارات لا غنى عنها, يجمع بين دائرة من إنتقادات هوليود و كابوس فن الكتابة, مع وجود عدة شخصيات رائعة, و يتميز أيضا ببعض الغرابة في تسلسل القصة, حيث يوجد الكثير من التقلبات و التغيرات اللامتوقعة, و النهاية عظيمة لا تنسى حيث تتخد طابعا مؤرقا.
أساس هذا الفلم يقوم على سيناريو فريد, مكتوب بأسلوب جيد و طريقة خاصة مثيرة للإعجاب, و مقنعة و أداء رائع من طرف الممثلين 'جون تورتورو' و 'جون غودمان', ففلم بارتون فينك هو بمثابة صورة يقدمها المخرجين الأخوين, في وضع قوي و مثال عن عبقريتهما و عرض موهبتهما, في صناعة السينما و بصمتهما على الشاشة, فالعروض فعالة و الوقائع جد مدروسة و موجهة.
تقييمي : 3.5/4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق