الأحد، 11 سبتمبر 2016

أفلام طويلة : فلم Embrace of the Serpent 2015




تحفة فنية عظيمة لم يكن لها نصيب بين المشاهدين و الشهرة و يمكنني أن أعتبره من زاويتي أنشودة تاريخية رائعة و مبتكرة تركز على موضوع حساس يضرب في قصته عمق العالم الجديد -أمريكا قديما- فهناك كثير من الأفلام الملحمية التي قدمت صورة عن الهنود الحمر و لكن صدقني أيها القارىء لن تجد فلما يمثل هذه القضية بشكل عبقري و مختلف مثل هذا الفلم و لا توجد لقطة منه تخلو من جماليته و روعته.

الفلم تم تصويره باللون الأبيض و الأسود و إنتاج إسباني سنة 2015 للمخرج "سيرو غيرا" و حبكته بالرغم من أحداثها المبهرة إلا أنها نوع ما تحمل في طياتها بعض الغموض و الإرباك إن جاز التعبير : القصة الأولى تحكي عن رجل ألماني مختص في علم النبات و صديقه الهندي الذي يرافقه مند أربع سنوات بعد أن مرض هذا الرجل الأبيض يتعرف على هندي صعب المزاج نظرا لما حل بقومه من عذاب و معاناة فيذهب هؤلاء الثلاثة في رحلة مغامرة إستكشافية عبر الطبيعة بحثا عن نبتة ساحرة للعلاج و هربا من المخاطر فيقابلون الكثير من الشخصيات و يقعون في مجموعة من التعقيدات و الأحداث المشوقة , أما القصة الثانية عن رجل أبيض أمريكي عالم نباتات و مستكشف يبحث عن رجل هندي - الذي هو نفسه الهندي المتعصب في القصة الأولى- فيلتقي مع أحد الحكماء الهنود فيذهبان بدورهما في مسيرة إستكشافية بحثا عن النبات فيلتقون بالكثير من الأشخاص و المرور بالمصاعب و المشاكل.

مع إحتواء الفلم على قصتين إلا أنه في تركيبته لا ينقسم بمعنى إلى جزئين منفصلين و لكن الفلم ينتقل بالمشاهد بين القصتين عبر مساره و هذا الإنتقال خطوة ذكية إذ أنه يبرز العديد من النقاط المشتركة و الأكثر من ذلك هو البعد الزمني بينهما يعني هل الرحلتين تحدثان في زمن واحد أم أن أحدهما يسبق الآخر ؟ مع العلم أن المكان واحد مشترك بين هؤلاء الأشخاص و هو غابة الأمازون.


الفلم عبارة عن رحلة وسط معتقدات الهنود الحمر كالطقوس و الكلام الديني عن الآلهة و الكون والأفعى المقدسة و حكمة الهنود و أيضا يصور علاقة الرجل الأبيض المثقف العقلاني مع الرجل الأحمر الغارق في الأسطورة من خلال الكلام و الحوار خاصة في القصة الثانية بين الأمريكي و الحكيم الهندي و مراحل الإنسجام بينهما.


النهاية غريبة شيئا ما و صورة خارجة عن نوعية مضمون السيناريو حيث الخاتمة تصور الفضاء الكوني و خروج نورأبيض من فم و عيني الهندي المتعصب و بعض الأشكال الغريبة و التي يبدو أن لها علاقة بالبداية التي تظهر أفعى الكبرى تأكل صغارها و أيضا المقطع الذي يظهر فيه نمر يبتلع هذه الأفعى و لا ننسى الحلم الذي يتكرر ذكره في نقاش هؤلاء الأشخاص.

يبدو أن الفلم هو أكثر من مجرد حكاية مع العلم أنها قصة حقيقية وقعت خلال أواخر القرن التاسع عشر و لكن في الفلم يحويها الكثير من الألغاز و الصور الرمزية المفقودة , إذا كنت من محبي الأفلام الهادئة الطويلة فعليك بهذا الفلم الأسطوري ففي جعبته الكثير ما يستحق مشاهدته و تتبعه نظرا لرقيه السينمائي و أسلوبه المدهش.


تقييمي : 3.5/4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق