
هذا الفلم يعود إنتاجه الى سنة 2002 للمخرج 'ستيفن دالدري' و الفلم يتأطر داخل ضمن مجال الدراما فجوهر هذا الفلم يكمن في الأبعاد التي يقوم عليها فهو مرتبط بشكل متناسق بين ثلاثة قصص تحدث في أماكن و أزمنة مختلفة تجمعهم علاقة مع بعضهم البعض.
خلال مسار حبكة الفلم تحدث مواقف و أحداث مشتركة لذا لفهم هذا الفلم بشكل مبسط يجب تقسيم القصص الثلاثة الموجودة في الفلم مع تقديم إشارة بسيطة لمضمون كل قصة لكونه يحتوي على بعض الوقائع المتداخلة في بعضها البعض بشكل ذكي و مميز.
الزمن الأول أي سنة 1923 يتحدث عن المرأة 'فيرجينيا' التي تم وضعها تحت مراقبة الأطباء خاصة من زوجها الذي يساعدها بسبب ماضيها المليء بالمشاكل النفسية التي عانت منها كمحاولة الانتحار و الهروب بعيدا فتستغل 'فيرجينيا' هذا الوضع فتقوم ببداية تأليف رواية تطرح فيها أفكارها و مشاعرها و أحاسيسها , في لحظة غير متوقعة نجد أنفسنا في زمن و مكان مغاير و شخصيات جديدة حيث ينتقل بنا الفلم الى زمنين مختلفين و هما زمن المرأة 'لورا' المتزوجة و الحاملة تحديدا عند سنة 1951 و يتم عرض المواقف التي تمر بها في حياتها مع أسرتها و علاقتها مع صديقتها أما الزمن الاخر هو حياة المرأة 'كلاريسا' عند سنة 2001 التي تساعد رجلا شاعرا و حالما يدعى 'ريتشارد' تعرفه مند صغرها على تجاوز محنته و معاناته مع محاولتها إقامة حفلة و وجود ابنة لها و سكنها مع صديقتها , ثم تأتي الخاتمة تنتهي كما في بداية الفلم.
هذه هي القصص الثلاثة للفلم و لكن خلال التركيز أكثر في أحداثه يتبين أن الفلم قصته واحدة في الأصل و هي قصة حياة 'فيرجينيا' أما قصة المرأتين 'لورا' و 'كلاريسا' و ما يمران بهما في حياتها ما هما إلا تجسيد لرواية المرأة 'فيرجينيا' التي تكتبها من أفكار و وقائع فخلال قصة المرأة 'كلاريسا' يتبين أن الرجل 'ريتشارد' الذي تساعده هو إبن للمرأة 'لورا' و أن السيدة 'كلاريسا' هي الشخصية الرئيسة للرواية التي تدعى 'دالاواي' و أيضا التقاء 'كلاريسا' و 'لورا' في زمن واحد.
أحداث الفلم تنشأ و تقع حسب قصة 'فيريجينيا' فالفلم يقدم مقطع من كل زمن و الذي أعجبني أكثر هو قصة زمن 'كلاريسا' التي ستفترق مع 'ريتشارد' و كم كانت لحظة تراجيدية و مؤثرة يملئها اليأس و الحزن بعد أن اعترف 'ريتشارد' بحبه لكلاريسا الذي دام أكثر من 10 سنين و نهاية حياته كانت صادمة و غير متوقعة, أيضا هناك إشارة مهمة هي أن "فريجينيا" تجسد أيضا ميولاتها الجنسية المثلية التي ستتضح في حياتها خاصة مع أختها و تقديمها في روايتها و هذا ما سنلاحظه في زمن 'لورا' عندما تقوم بتقبيل صديقتها أمام إبنها و أيضا في زمن 'كلاريسا' حيث في الأخير تقبل صديقتها التي تسكن معها.
الفلم وقائعه متشابكة ومغزاه قريب من التعقيد و الغريب في قصة الفلم حيث أن زمن 'لورا' و زمن 'كلاريسا' يكونان في المستقبل أي بعد نهاية 'فيرجينيا' لروايتها و كيف أن هذه الرواية ستكون موجودة على شكل كتاب في هذين الزمنين و تأخذ مكانتها بين القراء و مدى تعقيدها كالفلم تماما لأن الفلم ما هو إلا تجسيد لرواية هي بدورها موجودة في حبكته بمعني صراحة المخرج عبقري جدا و السيناريو متناسق عبر جميع مراحل الفلم فهو ممتع و زاخر بالأفكار من شعر و حب و حياة و موت وكآبة و قسوة و قليل من الفلسفة وسط أجواء متغيرة و أزمنة مختلفة كأنها رحلة اكتشاف بين كل زمن و مكان , كأنه لوحة تعبيرية من المشاعر و ملحمة فكرية ضمن مواقف مؤثرة مصحوبة بموسيقى تجعلك تعايش حياة الشخصيات و تترك في داخلك لمسات من أحاسيس و مشاعر عميقة.
تقييمي : 4/4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق